يشكل الاهتمام بالشعرية العربية حيزا كبيرا في الدراسات العربية المعاصرة، غير أن هذا الاهتمام تضاربت فيه وجهات نظر الدارسين، فاختلفت فيه مناهجهم، وتفاوتت مستوياتهم في وصف الظاهرة وتحليلها.وغاية هذا الكتاب هي التعريف بخصائص الشعرية العربية القديمة، كما هي في تنظيرها وممارسة إنتاجها، وتحديد مفهوم هذه القصيدة العربية وبنائها ورصد تطور المكونات البنيوية والوظيفية للخطاب الشعري من عهد التأسيس إلى العهد العباسي الأول الذي شهدت فيه الشعرية العربية أرقى درجات تألقها وقمة تطورها. وفي سياق البحث عن مظاهر الشعرية العربية تأتي الإشارة إلى الأنماط الشعرية المستحدثة في العهد العباسي، ويأتي تفصيل القول في التشكيل الموسيقي للظاهرة الشعرية ومكوناتها، ووحدة القصيدة وانسجامها، والبحث في العوامل المؤثرة في تطورها، ودراسة بعض النماذج الشعرية وتحديد أساليبها الجمالية وتعدد إيحاءاتها وتنوع دلالاتها. لقد اشتمل الجزء الثاني من كتاب الشعرية العربية حديثا مفصلا في مكونات القصيدة العربية ، مقدمة ورحلة وأعراضا، فكك موضوعاتها واستجلى علاماتها ومعانيها وعوالمها الجمالية والإنسانية، وأظهر القدرات الشعرية التي تميزت بها الذائقة العربية، وماسعت إلى تبليغه من قيم ومثل لها إحساس عميق بالوجود. ولها إدراك نافذ بالواقع، ولها قدرة على فهم الحياة وما بعد الحياة، متخذة من الرموز والعلامات الموظفة- بأساليب جمالية وشعرية- طرائق في تبليغ رسالتها الإنسانية ومضامينها الوظيفية المتعددة الأبعاد والدلالات.
1 الساحة المركزية بن عكنون - الجزائر -