تتكشف معضلة المكان في شكلها المعقد، حينما يلامس التفسير والتأويل تخوما، يكون فيها المعنى أكثر ارتباطا بالمكان وإيحاءاته. وكأن المعنى لا يكتسب أبعاده القصوى إلاّ إذا استرفد المكان، واستخلص منه محمولاته الدلالية. فإذا اقتصر التأويل على المعطيات الفكرية ، والاجتماعية، والنفسية.. مثلا فإن صنيعه ذاك يظل ناقصا، مهما كانت درجة العمق والإجادة في خطابه. بل أن التأويل الذي يكتفي بذلك النزر القليل من الفحص، تأويل ناقص. لا يمكن أن يصل إلى عمق النص أبدا، مادامت المعطيات نفسها لا تتأسس قاعدة علمية، إلاّ إذا أخذت حظها من الارتباط التشعّبي الذي يشدها إلى المكان. إننا عندما نقلِّب مباحث الفلسفة، وعلم الاجتماع، وعلم النفس، والأنثروبولوجيا… نتأكد من الحضور الطاغي للمكان. بل قد نجد المقابلة التالية : الإنسان/ المكان في كل سطر نقرأه ، وكأننا إزاء حقيقة أولية في كل فهم يروم النزول إلى أغوار الذات الإنسانية: شخصية، وفردا، ووجودا، وهوية، وفكرة.. وتلك حقيقة لم نجد لها في الدرس الأدبي إلاّ حضورا باهتا.
1 الساحة المركزية بن عكنون - الجزائر -